الحب وأسراره

  • Post category:مقالات

من ذاق طعم الحب سيتشوق ليعرف أكثر عن الحب وأسراره !

ماأجمل أن نتكلم عن الحب، ونغوص في أسراره، ونستكشف ماهيته وأنواعه ودرجاته،

 ونبين أبرز من كتب عنه وأهم الشخصيات التي اكتوت بناره.

 ولنبدأ من أصل كلمة الحب و من أين جاءت هذه الكلمة ؟

  • هناك من يقول إن كلمة الحب جاءت من الثبات والالتزام، واستشهدوا على ذلك بأن العرب كانوا يقولون “أحَبَّ البعير” وتفسر أن البعير جلس ولم يقم والتزم الجلوس.
  • ومنهم من يقول إن كلمة الحب أصلها في اللغة العربية “حَبة” وهي لب الشئ وأصله.

ولب الإنسان هو عقله وعندما يجتمع على مسار واحد “العقل والإدراك” مع “النفس و المشاعر والأحاسيس والهوى” يكون هو الحب.

وبالتالي إذا أردنا أن نفهم الحب وأسراره يجب أولاً أن نعرِّف الحب فنقول:

إنه مجموعة أحاسيس ومشاعر مختلفة ومتنوعة وسلوكيات غير مفهوة تجعل من الشخص في حالة مختلفة عن حالته الطبيعية وتخرجه من سلوكه المعتاد حسب درجة الحب.

كما أن كلمة الحب تقال عندما يتفق العقل مع النفس، كما ذكرنا سابقاً، وإذا كانت النفس والمشاعر والأحاسيس قد تجاوزوا العقل وانحرفوا عن مساره كان هو العشق.

لنبدأ بذكر تفاصيل الحب وأسراره …

بداية عن درجات الحب

من الممكن أن يحب الإنسان بدون أن يعرف ويكون ذلك بميله لشخص والإرتياح معه والشعور بالسعادة لوجوده.

فالحب يبدأ 

بالهوى .. ثم الصبوة .. الشغف .. الإستكانة .. الشوق .. الوصب .. الخلة .. الغرام .. الود .. العشق  .. النجوى .. ثم الهيام .. ثم الوجد .. و اخيرا الكلف، وهي أصعب حالات الحب، حيث يصبح المحب مسلوب الإرادة ومغيب العقل ولاهم له سوى رؤية محبوبه.

أما السر الأهم والذي سنكتشفه من الحب وأسرار هو ..

أنواع الحب؛

١-الحب الرومانسي

وهو الحب الذي تكون فيه المشاعر والأحاسيس قد انطلقت من مرحلة الحب الأفلاطوني باتجاه الحب الجنسي وهي تعيش بينهما وخير مثال على الحب الرومانسي قصة “روميو وجوليت”التي كتبها “وليم شكسبير”

وأيضاً هناك الكثير من الشعراء العرب الذين كتبوا عن الحب وكانوا من رواد المدرسة الرومنسية 

الشاعر الكبير “عمر أبو ريشة” 

وكانت اشعاره تفيض بالحب الرومنسي

فمن اشعاره:

قالتْ مللتُكَ . إذهبْ . لستُ نادِمةً

على فِراقِكَ .. إن الحبَّ ليس لنا

سقيتُكَ المرَّ من كأسي . شفيتُ بها

حقدي عليك .. ومالي عن شقاكَ غنى !

لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةً

لقد حملتُ إليها النعش والكفنا …

قالتْ .. وقالتْ .. ولم أهمسْ بمسمعها

ما ثار من غُصصي الحرى وما سَكنا

تركْتُ حجرتها .. والدفءَ منسرحاً

والعطرَ منسكباً .. والعمر مُرتهنا

وسرتُ في وحشتي .. والليل ملتحفٌ

بالزمهرير . وما في الأفق ومضُ سنا

ولم أكد أجتلي دربي على حدسِ

وأستلينُ عليه المركبَ الخشِنا ..

حتى .. سمعتُ .. ورائي رجعَ زفرتها

حتى لمستُ حيالي قدَّها اللدنا

نسيتُ مابي … هزتني فجاءتُها

وفجَّرَتْ من حناني كلَّ ما كَمُنا

وصِحتُ .. يا فتنتي ! ما تفعلين هنا ؟؟

ألبردُ يؤذيك عودي ..

٢- الحب الجنسي

و قد رأيناها في فترة الستينات والسبعينات في ظاهرة الثورة الجنسية أو التحرر الجنسي حيث وجدت جماعات ما يسمى الهيبيز.

٣- الحب العذري

وهو الحب الذي لا يهتم للمتعة الجسدية، هو حب سامي رفيع الخصال وقوي ومتين ممكن أن لا يجتمع فيه الحبيبان في نهايته.

وطبعاً التاريخ العربي مليء بالأمثلة، مثل قصة “قيس وليلى”  

 والذي غاب عقل قيس بن الملوح من حبه لليلى بعد رفض أهلها تزويجه إياها، فسمي بمجنون ليلى، ومن أجمل أشعاره في حب ليلى:

 أراني إذا صليت يَمَّمْتُ نحوها… بوجهي وإن كان المصلي ورائيا ومابي إشراكٌ ولكن حبها… وعِظمَ الجَوى أعيا الطبيب المُداويا أُحِبُّ من الأسماء ما وافق … اسمها أو أشبهه أو كان منه مُدانيا

٣- الحب الافلاطوني

وهو الحب من أجل البقاء، حب النفس والروح بعيداً عن الرغبة الجنسية، وهذا كان ماينادي به أفلاطون لبناء مدينته الفاضلة المحبة ذات الأرواح المتعانقة بدون شهوة وبدون مآرب أخرى، وهذا الحب يشابه الى حد ما الحب العذري.

٤- حب العائلة

إنه الدفئ العاطفي والملاذ من متاعب الدنيا والسند للروح قبل الجسد إنه حب العائلة.

٥- الحب العقائدي 

وهو الحب الذي يتبناه الإنسان لملئ حاجته الروحية من الفراغ.

ومنها حب الله وحب الرسول وحب الوطن …

وكل شخص يملأ فراغ روحه بحب معتقده الخاص. 

فمختلف الديانات مثل الهندوسية والبوذية وغيرهم اهتموا كثيراً بتنمية الروحانيات وعلوم الطاقة الداخلية، ليصبح حب  معتقداتهم شعور يعطيهم الراحة والطمأنينة، وهناك أمثلة كثيرة في التاريخ الإسلامي للصحابة والمجاهدين في حب الله ورسوله، أما في التاريخ القريب فهناك الطريقة الصوفية التي تعبر عن حب الذات الإلهية ومن أبز متَبعيها؛

الحسين بن منصور الحلاج

ومن أشعاره  في حب لله ومناجاته

عجبتُ منك و منـّـي

يا مُنـْيـَةَ المُتـَمَنّـِي

أدنيتـَني منك حتـّـى ظننتُ أنـّك أنـّــي

وغبتُ في الوجد حتـّى أفنيتنـَي بك عنـّــي

يا نعمتي في حياتــي و راحتي بعد دفنـــي

ما لي بغيرك أُنــسٌ من حيث خوفي وأمنـي

يا من رياض معانيـهْ قد حّويْـت كل فنـّـي

وإن تمنيْت شيْــــاً فأنت كل التمنـّـــي

والحديث يطول ويطول عن الحب وأسراره !

وأيضاً من الشعراء الذين أبدعوا في تناول الحب في أشعارهم في التاريخ الحديث؛

نزار قباني 

حيث تعمق الشاعر في الحب وأسراره وكتب الكثير من قصائد الغزل.

ومن أشعاره؛

عقدة المطر

أخاف أن تمطر الدنيا، و لست معي
فمنذ رحت.. و عندي عقدة المطر
كان الشتاء يغطيني بمعطفه
فلا أفكر في برد و لا ضجر
و كانت الريح تعوي خلف نافذتي
فتهمسين: تمسك ها هنا شعري
و الآن أجلس .. و الأمطار تجلدني
على ذراعي . على وجهي . على ظهري
فمن يدافع عني .. يا مسافرة
مثل اليمامة، بين العين و البصر
وكيف أمحوك من أوراق ذاكرتي
و أنت في القلب مثل النقش في الحجر
أنا أحبك يا من تسكنين دمي
إنت إن كنت في الصين، أو إن كنت في القمر
ففيك شيء من المجهول أدخله
و فيك شيء من التاريخ و القدر

“نزار قباني “

وعن الحب وأسراره !

هناك قصة الشاعر السوداني “ادريس جماع”

الملقب بالشاعر المجنون ..

ويقال إنه أحب امرأة ولكن لم يكتمل هذا الحب..

وافترق عن حبيبته، فأصابته لوثة عقلية، أدخلته عائلته للمشفى للعلاج، فكان يتغزل بعيون ممرضته كلما حضرت إليه، فانزعجت الممرضة وقررت أن تلبس نضارة سوداء تخفي عيونها.

فقال أجمل بيت شعر في التاريخ العربي كما صنفه الأدباء

وﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ الغمدِ ﻻ ﺗُﺨشَى مضاربُه
ﻭﺳﻴﻒُ ﻋﻴﻨﻴﻚِ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﺑﺘّﺎﺭُ

وأخيراً مهما حاولنا أن نكتشف الحب وأسراره، نبقى جاهلين في فهم ماهيته. ولكننا نعلم أن الحب شعور جميل وضروري للإنسان لمساعدته على التوازن النفسي أو عدم الشعور بالوحدة و تخطي مصاعب وتعب الحياة.

فهناك فراغ روحي ومطلب نفسي وحياتي وحاجة ضرورية للحب، ولملئ هذا الفراغ يمكن أن يكون الحب من أي نوع من الأنواع التي ذكرت، سواءً كان الحب الجنسي أم الحب العقائدي أم غيره.

وهناك من الحب ما يدمر صاحبه أو يقتله ..

وهناك من الحب ما يرفع صاحبه ويسعده ..

و يبقى على الإنسان التفكير السليم والأخذ بالأسباب لملئ حياته بالحب الصادق والعفيف الذي يسموا به ويعلوا بأخلاقه و يدفعه للأمام نحو حياة سليمة متناغمة مع رسالتنا في هذه الحياة

الحب وأسراره بقلم فكر جديد

هل قرآت هذا حكم القلب

تابع انستجرام مدونة فكر جديد